ماذا حدث يوم فقد الفنان فان غوخ قطعة من أذنه؟
وفي مقال نشرته صحيفة "لوبوان" (lepoint) الفرنسية، قال الكاتبان فريدريك لوينو وغويندولين دوس سانتوس إن بول غوغان أوضح في مذكراته بعنوان "قبل/بعد" التي نشرت عام 1903 أنه تلقى في خريف 1888 دعوة من صديقه فينسنت غوخ للقدوم إلى مدينة آرل الفرنسية للرسم، وذلك بعد لقاء جمعهما عام 1886 في باريس، وكانت هذه الدعوة مدفوعة بحلم الرسام الهولندي بتأسيس مؤسسة فنانين في المنزل الأصفر المستأجر.
وأثناء انتظار إجابة صديقه كان غوخ يرسم بكل جوارحه لوحات تتضمن ألوان الزهور والأشجار والمناظر الطبيعية، والتي شكلت فيما بعد سلسلة لوحاته الشهيرة للطبيعة الصامتة "زهرة دوار الشمس".
وفي 23 أكتوبر/تشرين الأول 1888 لبى غوغان دعوة صديقه غوخ قادما من مدينة بونت آفين، وخلال الأسابيع الأولى ساد نوع من التفاهم المتبادل بين الرسامين وعملا معا على سلسلة من اللوحات، إحداها مخصصة لمقبرة آرل الرومانية.
لكن بعد فترة بدأت الاختلافات بين غوغان وغوخ بشأن بعض المسائل الفنية تتضح، وزادت الاضطرابات في علاقتهما بين فترات قطيعة وتصالح.
ها هو وحيد مهجور
مساء يوم 23 ديسمبر/كانون الأول 1888 وقعت مشادة كلامية بين الصديقين -مختلفة عن الشجارات السابقة- بسبب اختلاف أسلوب الرسم، حيث كان الخيال يوجه فرشاة الرسام غوغان، فيما كان غوخ بحاجة إلى الطبيعة وخفاياها ليرسم.
وحتى مع عودة الصديقين إلى المنزل استمر الشجار والصراخ، وقد كان لتأثير الكحول على كليهما دور باحتدام الصراع، وعلى إثر ذلك توعد غوغان بمغادرة باريس، وكان الجنون قد تملك غوخ الذي أمسك بسكين لطعن صديقه الفرنسي الذي لا يفقه شيئا في عالم الفن حسب اعتقاده.
ونتيجة ذلك، فر غوغان من المنزل الأصفر وهو يرتجف خوفا، مفضلا قضاء تلك الليلة في أحد الفنادق.
بقي غوخ في حالة من الهستيريا وتأنيب الضمير بسبب تخلي صديقه عنه، وللتكفير عن ذنبه أمسك بشفرة حلاقة وقطع بها أذنه اليسرى.
لف قطعة قماش حول رأسه الذي ينزف دما، والتقط بعد ذلك قطعة من أذنه الملقاة أرضا ووضعها في منديل ليقدمها إلى جارته راشيل التي يُعتقد أن الرسامين كانا يتنافسان على نيل إعجابها.
بعد ذلك، أصيب بنوبة أفقدته وعيه ونقل إثرها إلى المستشفى، حيث أخبرهم أنه قطع شحمة أذنه جراء تعرضه لأزمة نفسية.
وقد أخذت الشرطة إفادة غوغان الذي عاد بعد ذلك مباشرة إلى موطنه، وبهذا انهار حلم غوخ المتعلق بتأسيس مؤسسة للفنانين.
رواية أخرى لما حدث
وفي عام 2009 قدم الأكاديميان الألمانيان هانز كوفمان وريتا ويلديجان أطروحة مختلفة تماما عما حدث استنادا إلى تقارير الشرطة في ذلك الوقت وإلى العبارات المأخوذة من رسائل الرسامين، وزعما فيها أن غوخ لم يلحق أذى بنفسه، وأن حادثة قطع أذنه تعود إلى صديقه غوغان الذي هاجمه بعد نفاد صبره خلال شجار دار بينهما يوم 23 ديسمبر/كانون الأول 1888.
كادت الشفرة تقطع الفص
وبحسب هذين المؤرخين، يعود سبب نوبات جنون غوخ إلى التسمم بالرصاص والزرنيخ والكادميوم الموجودة في الألوان التي كان يستعملها في الرسم.
وإلى جانب ذلك، يزعمان أن غوغان ألقى سلاحه في نهر الرون، قبل أن يبرم الرجلان ميثاق الصمت، ومن خلال التكتم عما حدث لعدم إلحاق الضرر برفيقه كان غوخ يأمل في عودة غوغان إلى المنزل الأصفر مجددا، غير أن صديقه اختار المكوث في تاهيتي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق